darrafia

مخطط توجيه التهيئة العمرانية لبني ملال الكبرى: رؤية مجالية و استشرافية إلى غاية 2045

مخطط توجيه التهيئة العمرانية لبني ملال الكبرى: رؤية مجالية و استشرافية إلى غاية 2045
Image
aubm.ma

شكل صدور المرسوم رقم 2.20.284 المؤرخ في 21 أبريل 2020، والمتعلق بالمصادقة على مخطط توجيه التهيئة العمرانية لبني ملال الكبرى بالجريدة الرسمية للمملكة عدد 6879 بتاريخ 04 ماي 2020، الحلقة النهائية لإحدى اهم الدراسات الاستراتيجية والاستشرافية لبني ملال الكبرى والتي من شأنها ان تكون خارطة لتوجيه التهيئة المجالية بهذه المنطقة إلى غاية سنة 2045.

وقد تأتى الوصول إلى هذه النتيجة الإيجابية بفعل تظافر وتنسيق الجهود بين المصالح المركزية لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، ومكونات المنظومة المحلية خاصة السلطات الولائية والوكالة الحضرية والمجالس المعنية المنتخبة.

إن هذا المخطط يشكل آلية مهمة لتنظيم وتوجيه تدخلات مختلف الفاعلين في المجال الترابي، ووثيقة محورية ترسم معالم التهيئة المجالية في أفق 25 سنة القادمة، وتحدد استعمالات الأراضي عبر عدد من التنطيقات التي تمت صياغتها وفق معادلة مندمجة توافق بين احتياجات السكن وتوفير الشغل وخلق الاستثمارات والحفاظ على البيئة.

وبغية تحقيق تنمية مجالية برؤية شمولية، فإن هذا المخطط التوجيهي الذي يمتد على مساحة إجمالية تبلغ 67290 هكتارا، يشمل بالإضافة لمدينة بني ملال الجماعات الترابية المحيطة بها، ويتعلق الامر بكل من فم أودي وأولاد مبارك وسيدي جابر وأولاد يعيش وفم العنصر.

إن اعتماد هذه المقاربة الشمولية لإعداد مخطط توجيه التهيئة العمرانية لبني ملال الكبرى مكن من بلورة تصور للتهيئة لأهم مجال وظيفي بالجهة، ومن تقسيم الأدوار بين مدينة بني ملال والجماعات والمراكز المحيطة بها، بهدف خلق نوع من التكامل وتعزيز التنافسية الاقتصادية لهذا المجال الترابي الحيوي.

وفي هذا الصدد فقد عمل المخطط التوجيهي على منح مدينة بني ملال وظائف التأطير والقيادة باعتبارها عاصمة الجهة، مع التأكيد على تقوية قطاعات الصناعة الغذائية والخدمات والتبادل والتكوين والترفيه الحضري، كما خص الجماعة الترابية لأولاد يعيش بأدوار خدماتية-لوجيستيكية بحكم قربها من الطريق السيار، وبأدوار ترفيهية مرتبطة بالرياضات الجوية. في حين حظيت جماعة فم العنصر بهوية سياحية إيكولوجية مرتبطة بالمجال الطبيعي لنطاق الدير والجبل.

وفي نفس السياق فقد عملت الوثيقة التوجيهية على منح جماعة فم أودي وظيفة إيكولوجية غابوية ترمي إلى تثمين المجال الغابوي والحفاظ عليه. في المقابل فإن جماعة سيدي جابر ستقوم بوظيفة تجارية-زراعية تتماشى والأدوار الفلاحية للمجال المسقي لتادلة، أما جماعة أولاد امبارك فستشكل خلفية حضرية-سكنية ومجالا لتوطين المرافق العمومية الكبرى كامتداد وظيفي لمدينة بني ملال.

على مستوى مدينة بني ملال، فقد عمل مخطط توجيه التهيئة العمرانية على تأكيد فلسفة الأقطاب المجالية لتنظيم وتهيئة تراب المدينة، وذلك من خلال التأكيد على أربعة أقطاب كبرى مهيكلة، تهم القطب المالي والتجاري بالوسط وقطب التكنولوجيا والصناعات الغذائية بالمدخل الجنوبي الغربي، وقطب الخدمات واللوجستيك بالمدخل الشمالي قرب الطريق السيار والمطار الجهوي، والقطب الجامعي بمنطقة امغيلة.

إلى جانب هذه التوجهات التي من شأنها تقوية القدرات الاقتصادية والرفع من تنافسية المدينة، فقد عمل مخطط توجيه التهيئة العمرانية على إعطاء الأولوية لقضايا التجديد الحضري والتحكم في الكثافات، وإعادة الاعتبار للتراث العمراني والطبيعي، وفتح مناطق جديدة للتعمير وفق جدولة زمنية محددة، وتطوير العرض السكني وخلق تمازج وظيفي واندماج اجتماعي ومجالي وهيكلة وإدماج الأحياء والتجمعات السكنية غير القانونية.

من جهة أخرى وفي إطار تبني مبدأ الاستدامة، فقد أكد المخطط على الهوية الخضراء لمدينة بني ملال من خلال الحفاظ على الأراضي الفلاحي والاغراس والمناطق الغابوية، وإيلاء العناية للمؤهلات الطبيعية والمائية وتوظيفها في تشجيع قطاع السياحة والترفيه، بالإضافة إلى تهيئة وخلق مناطق خضراء جديدة تليق بحجم ومكانة المدينة.

إجمالا يمكن القول أن "بني ملال الكبرى" أضحت بهذا المخطط التوجيهي، تتوفر على وثيقة تنموية ستشكل ركيزة لتحقيق إقلاع في ميادين استثمارية كبرى، تهم قطاعات السكن و السياحة و الترفيه و الخدمات و اللوجيستيك والصناعات الغذائية، ومرجعا لتوجيه التدخلات التنموية للدولة و مؤسساتها.